
كلمة العدد 1441.. “صرخة إلى كل عربي!”
يشهد عالمنا العربي، حروب من اليمن إلى السودان ومن غزة إلى سوريا، إلى العراق ولبنان حتى تصل إلى ليبيا، حيث تتكرر نفس المعادلة، صراعات مسلحة تخلف دمارًا واسعًا، بالإضافة إلى أنفاق المليارات لتغذية الحروب وأنفاق مليارات أخرى لإصلاح ما تهدم واليك عزيزي القارئ الفاتورة:-
في اليمن خسائر اقتصادية ٢٠٠ مليار دولار
وتكاليف إعادة الإعمار ٣٠ مليار دولار وفي السودان تقديرات الاصلاح والحرب حوالي ٧٠٠ مليار دولار وهذا الرقم يتجاوز قدرات الدولة
لعقود مقبلة وفي غزة نحتاج إلى ٧٠ مليار دولار لإعادة ما دمرته الحرب الأخيرة وسوريا تحتاج إلى أكثر من ٢٠٠ مليار دولار بعد ١٤ عام من النزاع وليبيا لديها فاتورة إعمار تتجاوز ١١٠ مليار دولار.
والعراق يحتاج ٨٨ مليار دولار لإصلاح ما خلفته الحروب المتعاقبة، أما لبنان يحتاج إلى ١١ مليار دولار في ظل أزمة مالية خانقة، وبناءً عليه أجمالي فاتورة الإصلاح لهذه الدول جميعا تصل إلى ١٢٢٥ مليار دولار (ترليون ومائتين وخمسة وعشرون مليار دولار) وهو يعادل أكثر من ضعفي ونصف العائدات النفطية والمتوقعة لدول أوبك في عام واحد (أتنين مرة ونصف)
هذه المبالغ تخص فقط الخسائر الاقتصادية، وإعادة الإعمار ولا تشمل التكلفة الموازية التي تصرف على الحروب نفسها، بمعنى الإنفاق العسكري المباشر على الأسلحة وتمويل العمليات العسكرية وحسب المعهد الدولي لأبحاث السلام، فان تكاليف إعادة الإعمار مع تكاليف الإنفاق العسكري المباشر يتجاوز الرقم ٢ ترليون دولار (تريليوني دولار).
هذه المبالغ يمكنها تغير وجه المنطقة لو وجهت إلى التعليم والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، بدلا من أن تستنزف في الحروب، لكن الأرقام تكشف عن حقيقة واضحة، أن النزاعات لا تستهدف الأرواح والبنية التحتية فقط، بل تلتهم كل فرص الاستثمار في المستقبل، فبينما تتجه الاقتصادات الكبيرة إلى تعزيز وجودها في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، يجد العرب أنفسهم مضطرين إلى إعادة بناء ما تهدم بدلا من المشاركة في صياغة الاقتصاد العالمي الجديد، فالأمر إذا ليس اقتصاديا فقط، بل سياسيًا بالدرجة الأولى وهو يستهدف مستقبلنا، حيث
استمرار النزاعات يعني أن الموارد ستظل موجه إلى معالجة الأزمات بدلا من استباقها.
والتجارب الدولية تقدم لنا الدروس في الاستثمار في المستقبل وعدم الانغماس في صراعات وحروب تستهلك كل طاقاتها في مقابل ذلك
يظل العالم العربي حبيسا في دورة ما يسمي (الريع والاستهلاك) بمعنى الارتفاع في الدخل، يقابله شهية مفتوحة على الأنفاق الحكومي وكل انخفاض في الدخل يعيد الأزمات إلى الواجهة، مضافا إليها صراعات ونزاعات وحروب ….
هذه الحلقة المفرغة لا يمكن حلها إلا بتصغير النزاعات والصراعات والبعد عن الحروب، حيث لا يمكن لعالمنا العربي أن يواكب التحولات العالمية وهو غارق في حروب ونزاعات تستهلك كل موارده وتبدد طاقاته وسيجد العالم العربي نفسه خارج السياق العالمي يعيد بناء ما تهدم بينما الآخرون يبنون ما سياتي وتبقي الحكمة الخالدة أن (الحرب هي أن لا تحارب).
ولكم تحياتي
محمود صلاح قطامش





