
كلمة العدد 1433.. “التنافس الصيني الأمريكي بالأرقام””
بين الحقيقة والإفتراض، سال حبر كثير حول التنافس الصيني الأمريكي، لكن اليوم نتطلع إلى إجراء القراءة بشكل مختلف وبشكل رياضي من زاوية الأرقام، وفي الحقيقه تبدو الصين راضية لبقاء الهيمنة الأمريكية العالمية والتي لا تستطيع تحمل تكاليفها، أو حتي التفكير في مقاسمة هذه التكاليف معها، لأن الأولويات الصينية تتمثل في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية وتطوير علاقاتها التجارية مع كافة دول العالم، خصوصا وأن الولايات المتحدة تمتلك حلفاء في نحو (51) دولة في الأمريكتين وأوروبا والعالم، ولديها (750) قاعدة عسكرية في (80) بلد، بينما تمتلك الصين أول قاعدة خارجية في جيبوتي وتخطط لإقامة قواعد عسكرية أخرى، قد يصل عددها إلى ثماني قواعد، واحدة منها في كمبوديا.
لكن الصين أيضًا أصبحت لاعبا حل محل موسكو برأس مال اقتصادي يتمدد في الأسواق دون عوائق، حيث ارتفع الناتج القومي الصيني من (305) مليار دولار عام 1980 ليصل إلى (18) ترليون دولار عام 2024 وقد وضعت خطة لتتحول من مصنع العالم إلى قمة التصنيع المتقدم وتخطط بأن تكون أكبر اقتصاد عالمي بحلول عام 2050، حيث أصبح الآن الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للصين ومن بعده تأتي الولايات المتحدة الأمريكية، ثم روسيا ثم المملكة العربية السعودية وأصبحت الصين أكبر مصدر بالعالم، حيث حققت (3,4 تريليون دولار) مقابل واردات (2,59 تريليون دولار) بفارق أكثر من تريليون دولار، وفي المقابل صدرت أمريكا (2 تريليون دولار) مقابل استيراد وقدره (3,1 تريليون دولار) أي بعجز تجاري يزيد عن تريليون دولار منها أكثر من (295) مليار دولار عجز تجاري مع الصين نفسها في عام 2024.
لكن الأمر سيصبح قابل للتغيير في السياسة، حيث أنك لا تستطيع أن تبني دولة عظمي بجيش قوي فقط ولكن باقتصاد قوي يستطيع الصرف على هذا الجيش ويحافظ علي التواجد في العالم، وهذا هو الدرس الذي قدمه الاتحاد السوفيتي السابق إلى العالم، حيث انهارت هذه الدولة العظمى وهي تملك أسلحة وجيش قوي ولكنها انهارت لأن لديها اقتصاد ضعيف الذي تصرف منه على تواجدها وقوتها، وهذا هو الذي سيقودنا في المستقبل إلى حسم الجدل حول تحول الصين إلى قوة عظمى من عدمه.
ولكم تحياتي
محمود صلاح قطامش