
كلمة العدد 1445.. “الوعي هو ساحة الحرب الخفية”
بين الأنقاض والدخان وبين القتل والدمار شكلت حرب غزة معملا مفتوحا لاختبار ساحة القتال المستخدمة والتي تكسب بها المعارك وهي الحروب التي لا تستخدم فيها الطائرة والصاروخ كانت أدواتها الأقلام وكاميرات الهواتف النقالة وأرضها مواقع التواصل والتيك توك على وجه الخصوص ……
ولو بحثت عميقا لعرفت أن خلف الاندفاع الأمريكي لإيقاف الحرب في غزة وإقرار وقف إطلاق النار، أن الوعي الجمعي في أوروبا والعالم اتجه لنصرة القضية الفلسطينية ولذلك كان لابد من إنقاذ إسرائيل من العزلة الدولية القادمة والتي يبدو أن إسرائيل كانت ذاهبة إليها بإنحدار شديد، الأمر الذي لخصه يوسي كوهين رئيس الموساد السابق، حيث قال أن الاساس لكسب أي معركة هي الحرب التي لا تستخدم فيها الصواريخ والطائرات ولا تخاض بالرصاص ولكنها تلك التي تخاض بالصورة والرواية وهي التي تخاض على (الوعي) فالقوة الصلبة لم تعد تكفي لتشكيل مشهد الانتصار ولكنها تحتاج إلى روايو وأن الوعي صار هو ساحة الحرب الحقيقية …….
عامان كان العالم فيها يراقب ويحلل وينظر إلى الصورة، ويسمع الرواية التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، دعمتها الصورة ووسع من انتشارها الصلف الإسرائيلي والاستهانة بأرواح ومقدرات الشعب الفلسطيني، جسده منظر الرفض الكامل، حيث خلت قاعة الأمم المتحدة من وفود دول العالم أثناء لقاء نتنياهو خطابه فيها وليس غائبا عن المشهد تلك الحملة من المراجعات التي تقوم بها إسرائيل لتصحيح الصورة وترميم المشهد، بعد أن سقطت روايتها أمام مشاهد العنف والقتل والدمار للفلسطينين والذي وصل إلى الحد الذي تدخل فيه الرئيس ترامب لإنقاذ
إسرائيل من العزلة الدولية والمقاطعة التجارية والاقتصادية، بعد أن تم تقديم قادتها للمحاكمات الجنائية الدولية كمجرمي حرب.
إذا عزيزي القارئ علينا أيضًا أن ندرك أن الحرب التي تخاض ضدك من جماعة الإخوان وغيرها من أجهزة المخابرات التي تساعدها هي حرب
على الوعي لتشويه كل انجاز في بلادنا وخلق رواية عكسية لأي نجاح يتحقق على أرض المحروسة.
ولا شك أن هذا هو الذي دوما ينادي به الرئيس السيسي، بأن حروب العالم القادمة ستكون حرب العقل والوعي والإدراك، حرب التشكيك والرواية المضللة لتشويه أي انجاز أو نجاح، أنها حرب الشك الدائم والرعب المستمر
والخوف من المجهول، حرب تسمم الذات وتقتلها رويدًا رويدًا الوعي هو ملاذها الأخير بعد وحدتنا والذي ينقذنا جميعا من الانجرار خلف حملات التشكيك والتشوية، أن التفكير الحر الواعي هو الذي يمكن أن ينقذنا جميعا من عالم يحاول أن يسكت الجميع لتسود روايته وينتصر في حربه ويمنح الانتصار المشهد الأخير لكسب معركة الوعي فلننتبه جميعا ونبقي متماسكين خلف قيادتنا ونتذكر جميعا أن الإنسان خلق ليفكر حتي يكون مدركا واعيا بكل ما يحاك له وخلفه.
ولكم تحياتي
محمود صلاح قطامش




