
كلمة العدد 1447.. “الإسلام السياسي والعلمانية”
هناك من كان يعتقد أن صعود الإسلام السياسي في فترة الربيع العربي التي أجتاحت المنطقة العربية، أن هذا الصعود يمثل انتقالا ديموقراطيًا ولكنه كان في حقيقته مشروعا سلطويًا يرتدي ثوب الدين والدليل كل التجارب التي فشلت ومسلسل السقوط لكل تلك التنظيمات أينما كانت.
أن المشروع الإخواني وبحق لايهدف إلى إصلاح الدولة الوطنية كما يدعي دوما ولكنه كان يسعي إلى تفكيكها من الداخل مستخدما اليات الديموقراطية للوصول إلى السلطة، ثم الإنقلاب عليها من خلال شبكاتها السرية وأفكارها الراديكالية.
ولو نظرت إلى تحالفاتها من ذلك الوقت -الربيع العربي – لاكتشفت
إرتباطاتهم الفكرية والتنظيمية بالعنف وعدم الاستقرار، كثيرا من الناس كانوا ينظرون إلى هذا التنظيم الإسلامي كبديل شعبي شرعي عن الأنظمة والحكومات، لكن تمر الأيام حتى بدأت الوقائع تتكلم، فشل حكم الإخوان في مصر وليبيا وتونس والسودان وغيرها، لكنها تقع في أحضان الميليشيات، حيث تتراجع تجربة النهضة في تونس ويتصاعد الإرهاب في الساحل الإفريقي والصومال.
كل هذه الأحداث وغيرها كانت تؤدي إلى نتيجة واحدة، أن مثل هذه المشاريع ليست أداة للإصلاح، بل أدوات للفوضى وتلك النتيجة أيضًا هي التي وصلت إليها سياسات بعض الدول التي كانت داعم استراتيجي لها وهاهو القرار الأمريكي بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية وفرنسا تصفهم بالانفصالين الإسلاميين وإجراءات أخرى بريطانية بإغلاق المكاتب المرتبطة بالإخوان.
هذه الإجراءات جميعا نقلت ملف حركة الإخوان من نهج التعايش معها بعد الربيع العربي إلى سياسات تتطلب تحجيم من المنبع وتجفيف مصادر التمويل، لكن تاريخ الجماعة يثبت دوما براعتها في التكيف مع كل إجراءات الحظر والمنع، حيث لجأت في مصر إلى تغير أسمائها وهياكلها واستخدمت الجمعيات الخيرية كواجهة جديدة، لكن هذه الإجراءات جميعا باتت تنبأ بان الحرب على الجماعة، لم تعد معركة محلية، بل عالمية وأن الإسلام السياسي في صورته الإخوانية يواجه اليوم أضيق حلقة منذ تأسيسه قبل قرن من الزمان فهل ستؤدي هذه الإجراءات إلى أضعافها والقضاء عليها أم إلى ولادة شكل جديد أكثر تكيفا وأشد فتكا كما فعلت سابقا، لكن الحقيقة اليوم ستبدأ صفحة جديدة من المواجهات ضد الجماعة باسمائها المختلفة وأشكالها المتعددة وفروعها الممتدة في مصر والأردن والمغرب وتونس واليمن وباكستان وغيرها.
وفي أمريكا كمنظمة كير وغيرها وبريطانيا وبلجيكا وفرنسا وتركيا والدرس الآن والتحدي الاساسي لا يكمن في تجاوز الماضي فقط، ولكن في منع إعادة إنتاجه بأشكال جديدة أكثر نعومة، ربما لكن أشد فتكا وأكثر خطرا كما كانت دوما تفعل.
ولكم تحياتي .
محمود صلاح قطامش




